L'ULS

الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140

jeudi 12 nov. 2015
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
الحكمة تختم احتفالاتها اليوبيليّة ال140
Partager

اختتمت الحكمة احتفالاتها اليوبيليّة في مناسبة 140 سنة على تأسيسها بمهرجان خطابي،أقيم في قاعة المؤتمرات في جامعة الحكمة، حمل عنوان" الحكمة الجامعة ... في خدمة المجتمع" رعاه رئيس أساقفة بيروت وليّ الحكمة المطران بولس مطر ودعا إليه رئيس جامعة الحكمة الخوري خليل شلفون وشارك فيه، إلى وليّ الجامعة ورئيسها، النقيب رشيد درباس، وزير الشؤون الاجتماعيّة، الوزير والنائب السابق إدمون رزق، الأستاذ عصام كرم، نقيب المحامين سابقاً، الكاتب الدكتور داوود الصايغ و المحامي الشاعر ريمون عازار.وقدّم للمهرجان،أمين عام الجامعة الدكتور أنطوان سعد،وحضره، إلى مطارنة ورؤساء جامعات ومدارس،النائب الشيخ نديم الجميل وممثلون عن رؤساء أحزاب وهيئات أكاديميّة واجتماعيّة وعائلة جامعة الحكمة ومدارسها.

 

المطران مطر

 

وقال المطران مطر في كلمته:

 

نستطيع القول إن السنوات المئة والأربعين لتاريخ الحكمة تنقسم إلى نصفٍ أوّلَ صعد فيه لبنان نحوَ قيام دولته في سنة 1920 ونيل استقلاله في العام 1943، وإلى نصف آخرَ راح فيه لبنان يعبر من مصاعب إلى مصاعب، تكوّنت معظمها بفعل قيام دولة إسرائيل وكيانِها الغاصب الذي استهدف في ما استهدف الاختبار اللبناني في العيش المشترك، وجعل المنطقة تجمع كل أرصدتها لشنّ الحروب، دون أن تأخذ في الحسبان تطوير مستقبل شبابها على غير صعيد(...).

وها نحن اليوم من جديد نقف على مفترق طرق في لبنان كما في المنطقة بأسرها. فالعالم العربي كلّهُ يعيش مخاضًا عسيرًا وهو يترنّح بين فهم خاطئ للدين، راح مناصروه يبتعدون معه عن الإسلام في ينابيعه الصافيه وفي نقاوته الأولى، إلى أن غرقوا في التطرّف ورفض الآخر إلى حدّ رهيب، وبين فهمٍ صحيح للتعارف بين الناس وقبولهم بعضهم لبعض على ما أوحت به المسيحيّة وما أوحى به الإسلام أيضًا. أمّاّ لبنان في وسط هذه المنطقة فهو يتأرجح اليوم بدوره بين ثقة بنفسه ورسالته الحضارية المفيدة للمنطقة بأسرها، وبين تأثير معاكس لهذه المنطقة عليه مع الخطر بأن يضيع فيها ويضيع معها على حدٍّ سواء. وقد ارتسم مفترق الطرق هذا بخط بياني واضح مع اجتماع السينودس الكاثوليكي من أجل الشرق الأوسط الذي انعقد في روما في تشرين أول سنة 2010. إذ أكّد هذا المجمع التاريخي أن مستقبل هذه المنطقة يمرّ عبر تأمين الحريّة الدينية، لا بل حرية الضمير لكلّ إنسان، وعبر إقامة المواطنة الشاملة والكاملة بين أهل كلّ بلد من بلدانها، بما يضمن لهم الشراكة في الحياة العامة والمساواة أمام القانون وحمل رسالة تطويرية للمجتمع تحافظ على الوحدة وعلى التنوع في آن. ولئن كان الربيع العربي لم ينجح بتحقيق وعوده في هذه المنطقة المنكوبة، فإنه سيبقى أملاً للمستقبل تحقّقه الأجيال الجديدة عبر نضالها في الشأن العام بحرّية وبمسؤوليّة لا يستطيع الإنسان أن يحملها إلاّ بقوّة الحرّية(...).

فنتطلع منذ الآن إلى حكمة السنة الالفين والخمسين، وإلى عالم من حولنا يكون قد تخطى العداوات عبر إحقاق الحق وردّه إلى أصحابه بكرامة تامة، وعبر الحوارات الإنسانية الصادقة والتفاهم والتعاون المتبادلين. إنكم تؤمنون بأصالة أهل الشرق جميعًا وتعملون على أن يحقّقوا في ما بينهم الأخوّة المطلوبة. وسوف تعملون للتفاهم المسيحي المسيحي كما للتفاهم الإسلامي الإسلامي مثلما عملتم وتعملون للتفاهم الإسلامي المسيحي الذي به تؤمنون. لن تديروا ظهوركم لا للغرب البعيد ولا للشرق البعيد أيضًا، بل تسعوَن إلى تبادل إنساني شامل سيكون هو صفة المستقبل إلى جانب العولمة الإيجابية التي تطرق أبوابنا. ولا تنسَوا، أنّ اسم الحكمة مأخوذ من الكتاب المقدّس وهي من مواهب الروح القدس السبع، كما هي قبس من معرفة الابن الأزلي الذي بيّن لنا حقيقة الله وحقيقة الإنسان وحقيقة التاريخ ومعناه السامي. إنّ دور الحكمة الآتي سيكون في العمل من أجل خير المنطقة والإسهام بهذا المعنى في بنيان ملكوت الله. فللربَ الشكر على ما آتانا من نِعمٍ في الحكمة، وعلى ما تحقّق من تقدّم على يدها وما سوف يتحقّق بإذنه تعالى في المستقبل العتيد.

ولتبقَوا مدى العمر عمّالاً في ملكوت الحقّ والخير، مشمولين جميعًا بفيض من نعم الله وبركاته.

 

الوزير رشيد درباس

 

وقال الوزير رشيد درباس في كلمته:

هل كان من الحكمةِ أن أستجيبَ لدعوةِ وليِّ الحكمة وصاحبِها، سيادةِ المطران بولس مطر رئيس أساقفة بيروت، وأن أعتلي منبرًا لم يزلْ فضاؤه عَبِقًا بأصداءِ أصواتٍ باذخة صدحَتْ فيه على امتدادِ قرنٍ ووشيكِ نصفِه، من مثلِ المعلم عبدالله البستاني والأخطل الصغير وشبلي الملاط وأمين تقي الدين ووديع عقل ومارون عبود وجبران خليل جبران وحبيب باشا السّعد والأمير شكيب أرسلان ويوسف السودا... وصولاً إلى إدمون رزق وعصام كرم وريمون عازار وداود الصايغ ... وكثيرٍ غيرِهم مِمَّن ملأوا لبنانَ والعروبةَ والإنسانيَّةَ فكرًا وأدبًا وإبداعًا ووطنيّة؟؟ وإذا كان الشعارُ الذي وضعَه السيّدُ المؤسس على عتَباتِ هذا الصرح قولَ صاحبِ الأمثالِ: "رأسُ الحكمةِ مخافةُ الله"، أفلا يكونُ من بعضِ هذه المخافةِ أن يتهيَّبَ المرءُ محاريبَ النورِ والبخور ويُطأطِئَ بَوْحَ المنظومِ والمنثور، أمام قامات الضَّوءِ... غُيّابِهم والحضور؟؟

لم تكنْ لي مندوحةٌ من التلبية. فطلبُ المطران مثلُه... سامي الاحترام. خصوصًا إذا أعقبته دعوةٌ لطيفةُ الالحاح من رئاسة الجامعة ممثَّلَةً بقدس الأب خليل الشلفون.

 

ليس المسيحيّون كائناتٍ نادرة توضَعُ في أماكنَ معقَّمةٍ وتقتاتُ بخواصِّ الأطعمة، بل هم مِلحُ هذا الشرق الذي لن يفسُدَ أبدًا. إنَّهم أصحابُ أثرٍ وتأثير عملاً برسالة السيّد المسيح التي جوهرُها الفداء، ونبْذُ تجّار الهيكل والعشّارين، ودعوةُ الأطفال لكي يأتوا إليه. فهل يمكنُ بعد هذا كلِّه أن نرى العطرَ حبيسَ قُمقمٍ، والهواءَ معلَّبًا في قصَبة، والمحبَّةَ أسيرةَ ضلوع؟ وهل يبخل شجرُهم بالثّمار وهم يعلمون أنَّ كلَّ شجرةٍ لا تأتي بثمرٍ تُقْطَعُ وتُلْقى في النارِ كما قالَ يسوع.

 

تهدُرُ في نواحٍ كثيرةٍ من بلاد العرب مِطْحنةٌ دُوَليَّةٌ لا قلبَ لها، طِحْنُها البيوتُ والأطفالُ والأوابدُ والحضارات. ونحنُ أمامَها نشهدُ اغتيالَ التاريخ والقيم، ونقفُ على عتَباتِ الجاهليّاتِ الحديثة مقيَّدي الإرادات مغلولي الأصوات. وإذا كنّا في لبنانَ ما زلنا صامدين في وجهِ هذه العاصفةِ النّكْباء، فَمِنَ المحتَّمِ علينا إذًا أن نصونَ مؤسساتِنا من كلِّ عبثٍ، وأن نحفظَ مقوِّماتِ وجودِنا الوطنيّ فلا نعطِّلَ صِماماتِ أمانِه ولا نخلخِلَ بِناه الدستوريَّةَ ولا نُزَعْزِعَ أعمدتَه التي قامَ عليها. إنَّ انتخابَ رئيسٍ للجمهورية ضرورةٌ ملحَّةٌ واستحقاقٌ أوَّلُ عاد لا يقبلُ التسويفَ والتأجيل، لأنَّ الرئاسة رمزُ وَحدةِ البلادِ وعنوانُ اكتمالِ الميثاقِ الوطنيّ الذي يتشبَّثُ به جميعُ اللبنانيين. وكذلك، على المجلسِ النيابيّ أن يَفُكَّ بالضرورة إسارَهُ ليعودَ النوّابُ إلى ممارسة دورِهم التشريعيِّ خدمةً للمواطنين الذين انتخبوهم من أجل العملِ لا من أجلِ البَطالة. أمَّا مجلسُ الوزراءِ فلا يجوزُ أن يُدْخَلَ في غيبوبةٍ صغرى ولا كُبرى بانتظارِ إشارةٍ خارجيَّةٍ من أصحابِ الغَرَضِ والمرض؛ إذ إنَّ عافيةَ السلطاتِ وتعاونَها وقيامَها بواجباتِها مداخلُ أكيدةٌ ووحيدةٌ إلى وطنٍ معافى.

بعضٌ من خطباءِ اليوم أُتيحَ لهم أن يتحدَّثوا في العيد الخامس العشرين بعد المئةِ من عمر "الحكمة"، وها هم اليومَ يتحدّثون في هذا العيد. فأدعو الله أن يُطيلَ عمري لأسمعَهم يخطُبون إلى سنين عديدة في أعياد الحكمة القادمة. ويبقى أن أصارحَكم بأنَّه لو كان ما هو مكتوبٌ في خانة المذهبِ على هُويّتي، حائلاً دون دخولي إلى هذا الهيكل لما دعاني إليهِ راعيه، بل لما كنتُ تتلمذتُ أصلاً في مدرسة مار الياس بميناءِ طرابلس، وتنشَّقْتُ الوداعةَ والسماحةَ من أريج ليمونِها وغبارِ طبشورِها وبسماتِ معلميَّ فيها. أمّا الآن، وبعدما قادتْني على خطاها الكلمات، فلأعترفْ أنَّ الشهادةَ التي أدليتُ بها أمامَ هذه السُّدَّة العليا، ليست سوى عِرفانٍ بجميل... واعترافٍ بدين... ومعرفةٍ بأنَّ الحكمةَ ضالَّةُ المؤمن... وهاءَنذا ههنا وجدتُ ضالَّتي.

 

الخوري خليل شلفون

 

وقال الخوري خليل شلفون في كلمته: في هذه المناسبةِ المباركة وقبلَ أنْ نتذكّرَ ماضيَ تأسيسِ الحكمةِ مدرسةً ونَوَاةَ جامعةٍ على يدِ المطران يوسُف الدّبس ونَستَشِّفَّ بعضَ تحديَّاتِ المستقبل، نُحَيِّي عائلةَ الحكمةِ وَمُحِبِّيها والمُتكلّمين على مِنبرِها: صاحبَ السيادة وليَّ الحكمة الذي أنشأ هذا الصَرحَ الجامعيّ منذ خمسَ عشرةَ سنةً، ومعالي الوزير الذي تفضَّل بقبولِ دعوتِنا وهو المُتَفاني في خدمةِ المُجتمع اللبنانيّ، خاصةٍ فقراءَه والمُعوزينَ والنازحين، نُحيّي الخُطباء: معالي الأستاذ إدمون رزق، والنقيبَ السابق عصام كرم والأستاذ داود الصايغ والشاعر ريمون عازار والدكتور انطوان سعد، أمين عام الجامعة، وكلُّهم من محبّي عائلةِ الحكمة ومن قدامها. سلامٌ وإجلالٌ خاصٌ الى رؤساءِ جامعةِ الحكمةِ الّذين سبقونا زرعًا للحكمة والمعرفة في هذا الصَّرح، ومنهم المونسنيور يوسُف مرهج، النائبُ العام في ابرشيةِ بيروت، والمونسنيور كميل مبارك، مدير معهدِ الدكتوراه، والمونسنيور لويس الحلو والاب بولس عقل، أطال الله اعمارهم وأدامهم في خدمةِ الكلمةِ الالهيّة.

تحيَّةً إلى قُدامى الحكمة، وسلامٌ خاصٌ لحضرةِ العمداءِ والأساتذة الكِرام الذين ساهموا ويساهمون في رفع مستوى التعليم العالي في لبنان، وهم يحفزون التفكير النقديّ ويصقلون مهارات التواصل ويواكبون الحداثة في جامعة نابضة بالحياة.

سلامٌ الى كلّ موظّفي الجامعة الذين يعملون بتفانٍ وإخلاص لإِنجاز مُتطلّبات الجُودة الجامعيّة والتواصل، سلامٌ الى الطلبة المواظبين على تحصيل أعلى المراتِب العلميّة، من الدبلوم الجامعيّ الى رُتبة الدكتوراه وقد أردنا تفعيلِهَا هذه السَّنة في كليَّة الحقوق بانتظارِ تفعيلِها في سائرِ الاختصاصات (بِدءًا بالسياسة والاقتصاد). انتم في مؤسسة اشتهرت بتميّزها وبتعليمها ذي المستوى العالي. تحيّةٌ إلى القدامى الذين رفعوا اسمَ الحِكمة عاليًا في القضاء وفي مختلف المجالات العلميّة والمصرفيّة والاقتصاديّة والحقوقيّة والفندقيّة والأدبيَّة، إِنْ في لبنانَ أو في البلدانِ العربيّة أو في دولِ الانتشار اللبناني. تحيةٌ وسلامٌ خاصَّيْن الى رؤساء مدارس الحكمة، المكتب التربوي والاجهزة التعليمية في حكمة بيروت وهي الأمّ، وفي الجديدة، وبرازيليا، وعين الرّمانة، وكليمنصو، وعين سعادة والفرع التِّقني، راجيًا ان نتعاون اكثر لأنّ هذه الجامعة هي لكم ايضًا ولتلامذتكم، فأهلًا وسهلًا بكم معنا في التميّز والجودة التربوية.

مئةٌ وأربعونَ عامًا مرّت على الرؤية النبويّة لمثلث الرحمة المطران يوسف الدّبس (1820-1907) نحتفلُ بها اليوم. ونتذكَّرُها لكي نبقى "جامعةً" في خدمةِ المجتمع والحداثةِ أَمَدَ المستقبلِ القريبِ والبعيد.

علَّ روحَ المطران الدّبس الذي كرّس مدرستَه ونواةَ جامعتِه للكلمةِ المتجسّد وللحكمةِ الالهيّة منذ مئة وأربعين من الأعوام، علَّ هذه الرّوح تُلهمنا على الدّوام فلنحملَ مشعلَ التّربية مُضاءً، ويبقى الإنسانُ في جامعتِنا سبّاقًا الى الجودة خدمةً لهذه البلاد ومجتمعاتِها والملكوت.

 

إدمون رزق

 

وقال الوزير والنائب السابق في كلمته: جَسَّدَتْ روحَ لبنان... لقُرابةِ سبعينَ، صِبْيَةً جئناها، وكانت بنتَ سبعين، فنحن بنو منتصفِ عمرها، تلقّـــتْـــنا بالذراعينِ احتضاناً، انهلَتْنا العِلمَ، غذَتْنا الوطنيّةَ، جمعَــتْــنا من كلِّ ناحٍ وأطلقــتْـــنا الى ايِّ ساحٍ، إخوةً، موحَّدين ايماناً، ولو تعدّدوا أَدياناً، شُركاءَ حياةٍ، لا يُشرِكونَ ولاءً، أو يَنقُضونَ كياناً !

على مقاعدِها نشأنا، اعتَـنَـقْـنا لبنانَ عقيدةً، والعِلمَ وسيلةَ عملٍ، الى الخِدمةِ سبيلاً، وأنَّ الإنسانيّةَ اكتمالُ الأنا بالآخر، ولو مُختَـلِفاً.

في الأشرفيّة، عَهْدَ اغناطيوس مارون، كوكبِ التعليمِ الحُرِّ، رمزِ "اللبنانوية"، بدايةً ومُـنْـتهى... ثمّةَ، تساقَينا القوافيَ مُداماً، عَجَمنا المَعاجمَ، طارَحْنا الضادَ إعجازاً، فتوالَهَتْ بينَ الأناملِ، عَزْفَ أوتارٍ، تناهَتْ، من شِقِّ الريشةِ، دَفْقَ أنهارٍ، وعلى المنابرِ، من رَوْعِ المواقفِ، عَصَفَتْ، هُبوبَ إعصارٍ !

لا تباهياً، في يومِها، نَستحضرُ أعوامَنا، بل اعترافاً بمنّةٍ لها علينا !

فيا سيدي وليَّها، خليفةَ المؤسّسِ، ورعيلِ الأحبارِ الغيورينَ، الرُعاةِ البنّائين، الزارعينَ للأجيالِ، معَ رؤساءَ ومديرينَ، تعاقَبوا مُجَلّينَ، في نَوْباتِ الخدمةِ، آباءٍ وأَساتذةٍ، علَّموا ورَبَّوا، وهم في الضمائرِ ماثلون... فليؤذَنْ لنا، باعتزازٍ بَنَويٍّ، بعضُ اذِّكارٍ، لِمَن تــتــلمَذْنا لهم، ونحن مدينونَ، أئِمّةِ العربيّةِ وروّادِ الأدَبِ، ثـــلاثــــيِّ العِصْمَةِ اللُّغويّــةِ: حسيب عبد الساتــر، عبده الشمالي، بطرس البستاني... ولصَــــفْــــوَةٍ من خُــدّامِ المذبَحَيْن، الكهنوتِ والتربية، رَعوا مسيرتَـــنا: عبداللّه نجـيـم، انطوان أبي هيلا، جــوزف الخــوري، بــطرس آصاف، لاون مقصود، جـرجـس الــدويهي، جرجس سعد (طـرزان)، حنا بــو فرحـات، الياس القارح ويوسف ضاهر (الزاهــدِ الكئيب)... ومدينون، كذلك، لمصابيح العِلمِ والتعليم: غبريال دروبي، ابرهيم وجان باخوس، ﭬاهي دافيديان، جورج قزّي، اميل داغر، سليم باسيلا، كميل علاّم، ونذكر بكثير من المَوَدّة: زبلوف، ريمون غصوب، ايلي ابو سمرا، فيكتور لحود، ومعلّمي التأسيس، الذين درس عليهم رفاقُنا وزاملناهم: جورج لبكي، حنا الحدّاد ويوسف سعادة... جمهورُ كهنةٍ وعلمانيين، منذورين للعطاء، هاماتُ فكرٍ، قاماتُ معرفةٍ، قدوةُ إخلاصٍ ومكرُمات.

ويا سيّدَنا، بنعمةِ الروح، رئيسَ أساقفةِ بيروت، الوليَّ الحكيمَ والوكيلَ الأمين، بولس مطر، مَن تولَّيْتَها قَبلَ أن تَليَها، حَفِظْتَ إِرثَ الدبس، شبلي ومبارك، زياده وأبي نادر، أحيَيْتَ المايةَ والخمسَ والعشرينَ من سنيِّها، وكنّا حَدّك، ها أنتَ تتوّجُ المايةَ والأربعين، ونحنُ صَنّاجاتُها، حولكما، أَنتَ وهي، في عزِّ لبنانَ الصامدِ، بعنايةِ الإلهِ الضابطِ الكلِّ، الرحمنِ الرحيم، نجدِّدُ العهدَ لها، ما كانت وتبقى، مدرسةَ الوَحدةِ والتوحيد، موقِدَةَ سُرجِ النهضةِ، ونافحةَ المجد !

 

عصام كرم

 

وجاء فيها كلمة النقيب عصام كرم : حكمةُ السيادة والبكار.. ألحكمة البانية الطلاَّعة المتجدّدة تُطلّ على سنيّها الماية والأربعين مُحبّة" لمجتمع قضّت شيبتها الفتيّة البريئة من التجاعيد في التوفُّر على قضاياه .

والحكمةُ الرائية الراقية نقضت مع المجتمع الطبقيّ بشيء من الدالّة معتبرةً أنَها تدرك التزاماتِها تجاهَه مثلما تدُرك التزامَها تجاهَ العقد الإجتماعيّ العاقلةِ شرعتُهُ المنصِفةِ بُنودُه ... كمثل ما فعل جان جاك روسّو ، وارث ديكارت . أنا هنا . إذاً، أنا موجود . لأن الوجود الثابت هو لمن عنده شيء يقولُه وشيء يفعله .

واكَبَتِ الزمانَ بسيادة لا تنثلمُ لأنّ السيادة كالبكارة ، وباستقامةٍ لا تلتوي لأنّ الاستقامة ترفُ الأنقياء.

ولم تَخَفْ من التكفيريّين .مع أنها قلقت على مسيرة الحضارة التي بدت كأنّها ندمت على ما بَنَتْ من مداميكِ البهاء الخيِّر ... وكأنّ انوجد من يقبل ندامتها فدكَّ المعالم الرفيعة في هجمة هولاكيّة تتعمّد أن تتجاهلَ أنّها ، إذ تدمّرُ وتكفّر ، إنمّا تكون هي في طليعة المتخلّفين الكافرين .

ألحكمة تاريخُ رَفْضِ العوالم التي تتجاهل وتتباغض ... فانبنتْ صروحُ المحبّة .وضحكتْ في الأرجاء رحْباتُ الفكر. والمحبّةُ أكبرُ بكثير من البُغض . والفكرُ ... أعوذ بوضاءته أن يوُأد لأنّهُ مثل النور فوقَ مشكاة، يطلبُ الوجودَ ويطمحُ إلى الخلود .

وفي المجتمع كانت الحكمة بنتَ الديموقراطَية وأُمَّ الديموقراطيّة . فعايشت مجتمعها معايشةَ الإيمان بتحسين شروطِ وجوده بذهنيّة نهدَتْ إلى المساواة بين الناس، لأن المساواة هي الديموقراطيّة . فعلّمت أنّ لا يكفي أن يكون نظامنا ديموقراطيا" . بل يجب أن نَحكمُ، ديموقراطيا" وأن نُحكَمَ ديموقراطيًا، متحسِّسة، في تطلُّعها إلى العدل الإجتماعيّ، أن الديموقراطيّة ليست شرعنة الحاكمين بقدْر ما هي رُؤية الحكم ورؤيا الحَكم.

 

داود الصايغ

 

وقال الدكتور داود الصايغ في كلمته: الأكئر وفاءً للِّرسالة...لعلَّ الحكمة لا تختصرُ تاريخ لبنان. ولكنَّ تاريخ لبنان لا ينفصل عنها. لم تكن الشاهدَ، أو الشاهدَ الأوحد، بل كانت الأكثرَ وفاءً للرسالة، لرسالتها ورسالة لبنان. من حاجة المجتمع نشأت، ولخدمة المجتمع بقيت. كانت مدرسةَ فأصبحت مدارس : من مركزها الرئيسيّ في الأشرفيّة اِلى شارع كليمنصو الى الجديدة اِلى عين سعادة الى الحدث، اِلى الجامعة المرتفعة بفروعها الجديدة، ملتقيةً مع عصرها وحاجات التخصّص فيه، يمضي أمامنا ذلك النهرُ العظيم الذي لا ينضُبُ، نهرُ العطاء الدافق بالخير والضياء، ليرويَ تعطّشَ المتطلّعين على الدوام الى الغد الأفضل، بالعلم والوطنيّة والقيم، وليقول للجميع بأنّ الأوطان فعل إستمرار. فحسبُ هذا الثباتَ في الرؤية، في حسن الوفاء للأصول، في الإئتمان العالي لما نذرَت الحكمةُ نفسَها له ولا تزال، أنﹾ يطمئِنَ القلقين. فهل عندَنا هنالك مثلُ ذلك الحصنِ لنحميَ به لبنان من أخطار الصراعات المحيطة بنا، وموجات التعصّب والبغض والتطرّف.

وفي الوقت الذي أصبحتﹾ تُطرح فيه تساؤلات أوروبيّة عن كيفيّة العيش المشترك مع ملايين المسلمين في أوروبا – قبل موجات الهجرة الأخيرة إليها – والشرق العربيّ يتفجّر بالصراعات الطائفية والعنصريّة، في تغيّرات جديدة لواقع التكوين البشريّ في بلدانها، ألا يبدو لبنانُ كمستقبل العالم، كتجربةٍ من واجب الجميع حمايتُها وصونُها وإبعادُ الصراعات عنها؟

لعلَ هذه الصورة تقابَلُ اليوم بمرارة الواقع، الواقع السياسيّ والمؤسساتيّ، فضلًا عن الحالة الإجتماعيّة الحادّة. ولكنّ تراكمَ الأزمات لا يجُبُ أن يحجب الرؤيةَ الصحيحة، ولا ضرورةَ الارتفاع بها الى حيث هو لبنان الحقيقيّ.

كانت تجربتنا ولا تزال مرجعَنا ومصيرَنا في آن، وكانت الحكمةُ المرآةَ الصادقة ليس لواقعنا فحسبُ، بل لمستقبلنا أيضًا، بما يكفي لتعطيلِ مختلفِ عواملِ الإحباط، والتطلّع الى المستقبل بثقة ورجاء.

 

ريمون عازار

 

والقى المحامي ريمون عازار قصيدة بعنوان" يوبيلُكِ الخُلْدُ"وجاء فيها:

بِنْتَ البطاركــــــــــــــــــةِ العالينَ فـــــــــــي قِمَمٍ

لا يَنْحَنونَ ولوْ أَضناهُــــــــــمُ الدَّهـــَــــــــــــــــــرُ

كرسيُّ بطرسَ ، قَنّوبينُ صَخْرَتُهُــــــــــــــــــــــمْ

لِمَجدِ لبنانَ ، منذُ البدءِ ، قَدْ نــُــــذِروا

مَنْ صَوْتُهم يُوقِظُ التاريخَ مُلْتَهِبــــــــــــــــًـا

يَقْضي فَيَجْلُونَ ، أَوْ يَدْعو فَننتَصِــــــــرُ.

وَيَعْتَلي اليومَ ، مِلءَ الشرقِ ، سُدَّتَهُمْ

" راعٍ بِشارتُه" مِنْ رَبّهـِـــــــــــــــــــمْ عِبَـــــــــــــــرُ.

يا "حِكمتي" ابتَهِجي ، الأَبناءُ في لَهَفٍ

إِليكِ جَاؤوا فَطَابَ العيدُ والذِّكَـــــــــــــــرُ

لا يَبْرَحونَ ، أَقيمي في مَسيرتِهِمْ

في كلِّ ساحٍ ، وَلوْ أَقصاهُمُ السَفَرُ

يوبيلُكِ اليومَ ؟ لا ! باتَ الزمانُ لنــــا

يوبيلُكِ الخُلْدُ ما مَرَّتْ بِكِ العُصُــــــــــــــرُ

 

انطوان سعد

 

وكان أمين عام الجامعة الدكتور أنطوان سعد قدّم للمهرجان بكلمة جاء فيها:

بين سنة يوبيليًة تمضي، وسنة جامعيًة تُطلً، تتربًع الحكمة فوق السنين والأزمنة، تشهدُ لمسار التاريخ، بل تُسهم في صنعه فتصبحُ جزءًا منه، ويُمسي التاريخ من دونها منقوصًا، ومعها مكتملَ الهالة، بهيَّ الاِطلالة وضنينًا بالرسالة.

إنه عَقدها معه، صاغته كما العقود المتلألئة، عقدًا في إثر عقد، ”وملأته الى فوقُ“: قاماتٍ و قيمًا، معارفَ و مواقف، آثارًا وتأثيرًا في إنسانها ووطنها وبعضِ المحيط. هذه الحكمة، الجامعة أبدًا، هي اليوبيلُ المستمرً، نحتفي بها”سراجًا على منارةً يضيء مشارفَ الَزمن الآتي، وعلمًا على جبلٍ يُظلل آعلامًا وعلماءَ، ويرسمُ للمستقبل معالمَ وللطريق إليه علامات.

وفي خدمة المجتمع تبقى، لأنها خميرةﹲ في عجينهِ، و خمرةﹲ في دِنانه، ترفُدهُ بمواهبها والوزنات، في زمنٍ شَحّت فيه أرغفةُ المعاجن، وجفّت من خوابيه دموع الدّوالي... أو تكاد.

إنّه مجتمعُ الوطن والناس مَنﹾ همﹾ للحكمةِ رسالتُها ورسُلُها، وقد عاشتﹾ آلامهم و المعاناة، وصنعت معهم أحلامهم والتطلّعات، فكانت وتبقى في خفقات قلوبهم ووعيِ ضمائرِهم وحس مواطنّيتهم ومعنى شهادتِهم والحضور.